الأحد، 16 أغسطس 2020

مقدمة :

                         بسم الله الرحمان الرحيم 

ينظم الإسلام خمسة علاقات أساسية :

- علاقة المسلم بالله تعالى .

- علاقة المسلم بنفسه

- علاقة المسلم بباقي المسلمين

- علاقة المسلمين مع غيرهم 

- وعلاقة المسلمين بالبيئة والأرض وكل الكون .

وكلها علاقات لها تعاليمها الإسلامية مما يجعل من القرآن الكريم كتاب إصلاح  دائم وشامل : 

*ما فرطنا في الكتاب من شيء*الأنعام 38 

لكننا لسنا في هذا الكتاب بصدد تحليل كل هاته الآفاق السامية كلها ، بل مهمتنا في هذا الخطاب التقعيد لأسس الإصلاح الإسلامي العملي الإبتدائي كبداية ، وذلك على :

على الصعيد الفردي :

روى الإمام أحمد في مسنده عن رسول الله صلوات الله عليه أنه قال :* إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق* حسنه الألباني . 

ولهذا فإن التوغل في الدين لا يكون إلا برفق ، وإلا فإن من شاد الدين غلبه الدين كما روي عن رسول الله صلوات الله عليه ، لكن هذا لا يعني أن نتخلى على بعض التعاليم الإسلامية فنومن بمانشاء ونستثني ما نشاء من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة : فلفظ أوغلوا تعني تعمقوا وادخلوا إلى أوغاله برفق وبلطف لا البقاء على ظاهره والإكتفاء بما شئنا فقط من تعاليمه .. 

وبداية هذا التوغل برفق لا تكون إلا بإهتمام المسلم بتربية نفسه أولا ، وبإلتزامه بأسس الإسلام الفردية الأولى والمتمثلة في :

إخلاص النية لله تعالى وذلك بعدم الرياء : بمعنى أن تكون كل عبادته لوجه الله تعالى ولإبتغاء الآخرة لا لغرض دنيوي أو لإبتغاء الجاه أو السلطة أو لكسب ثناء الناس ..

الطهارة وذلك بالغسل مرة في الأسبوع على الأقل ، وبإلتزام الغسل الدائم من الجنابة وإلتزام الوضوء لكل صلاة .

العمل بأركان الإسلام الخمس وذلك ب :-توحيد الله تعالى بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله  - وإقامة الصلاة : وذلك بالإلتزام بالصلوات الخمس أولا وفي أوقاتها دون عجز ولا كسل - وإيتاء الزكاة لأهلها بالنسبة للأغنياء- وصوم شهر رمضان - وحج البيت لمن إستطاع إليه سبيلا . 

ثم الإيمان بكل صدق بأركان الإيمان الست والمتمثلة في :* الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره *

مع إلتزام كل الأخلاق الحميدة عبرإبتغاء الإحسان في كل قول أوعمل ، وعبر البعد عن كل المعاصي جهد المستطاع ..

لكن *كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون * كما روى الترمدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولهذا وجبت التوبة الدئمة من كل صغيرة وكل كبيرة وبكل صدق ، وتتجلى أركانها في : العجلة للإستغفار كلما وقعت في ذنب. الندم على كل معصية .العزم على عدم العودة . رد الحقوق إن كان في الذنب ظلم للغير..

فالإستغفار كنز من أثمن كنوز المؤمنين حتى أن رسول الله صلوات الله عليه قال :  * والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة *كما روى البخاري .. فالإستغفار كنزنا أخي المؤمن حتى أنه يروى : أن كل من سيأخذ كتابه يوم القيامة سيندم إلا من وجده مملوءا بالإستغفار .

ولهذا فإن كل البداية من : النية الخالصة والدوام على تجديدها. والعمل بأركان الإسلام الخمس.والصدق في أركان الإيمان الست .والتحلي بكل الأخلاق الفاضلة . وإجتناب المعاصي جهد الطاقة .  وإلتزام التوبة والإستغفار ... 

فمن كل هذا البداية مع حفظ ودراسة ما تيسر من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة وما تيسر من العلوم والفقهيات بنية العمل .

ولكل من أراد أن يسهل عليه كل هذا كثرة الذكر والإكثار من دراسة الفقهيات السنية أولا .. 

فمن كل هذا وبكل بساطة : البداية الإسلامية  العملية ، *والتي يمكن أن تدرس في سويعات قليلة لتلامذتنا وطلابنا عوض العديد من الثرثرات العلمية التي لم تعد تسمن ولا تغني من جوع ، بل وتبعد عن فقه العمل*.

في المجال السياسي :

كثيرون أولئك الذين ينادون بتهميش السياسة الإسلامية في أي إصلاح ، وذلك لعدة أسباب ، من بينها : 1- طغيان العلمانية على الصعيد العالمي ، وعلمانية معظم الأنظمة الإسلامية الحالية 2- التخطيط الغربي لهدم كل إصلاح إسلامي .3- فشل الأحزاب المحسوبة اليوم على الإسلام ، وإختراقها من النفعيين والمصلحيين والمنافقين . 4- لا أخلاقية العمل السياسي الحالي . ونفور معظم النزهاء منه . 5- تهميش الدور السياسي لفقهاء الإسلام ومفكريه ، وعدم الكفاءة السياسية لمعظمهم . 6- طغيان السياسة الشرعية التقليدية على عقول معظم التيارات الإسلامية ، وتشويهها للبديل الإسلامي . 7- إقتناع الحكام المسلمين بواقعية العلمانية ، وحذرهم من العصابات العالمية المناهضة للإسلام .

مما يجعل المجاهرة الرسمية بأي إصلاح إسلامي جاد ، وفي أي بلد من بلداننا المسلمة إنتحارا على كل الواجهات وفي العديد من المجالات ، لكن ولله الحمد أن إسلامنا دين الفقهيات والعلوم ، والحمد لله كذلك على أن العلمانية الحقة بدأت تنفي علمويتها لتنحو رويدا رويدا نحو العلمية المتناسقة كليا مع الفقهيات والعلوم الإسلامية ، ولحد إعتراف العديد من علماء الغرب بأن كل الحضارة الغربية ستمضي لهاوية الإنتحار إن لم تصلح أخلاقها ، ومنطقها السياسي الإصلاحي بحق ، المسار الذي تناهضه اليوم العديد من اللوبيات والعصابات السياسية والمصلحية العالمية ، والتي ترى في أي إصلاح بل وفي كل إنسانية الإنسان الإنهيار الكلي لكل مشاريعها ..

ولهذا فإن الغرب نفسه سينادي مستقبلا بالعلمية والأخلاق كملاذ لإنقاد مجتمعاته ، وتماما كما ننادي نحن بهما كبداية لتوفير ظروف الشريعة .. وهذا هو الرجاء الذي يؤكد بأن المستقبل للإسلام ولو بلغة علمانية ، ومهما حورب ، لأن الإصلاح الإسلامي الحق ، والإسلام السياسي الواعي بالسياسة الشرعية يؤمن بالتدرج ، لكن ليس نحو إسلام جزئي كما أثمت العديد من أحزابنا ، بل نحو الإسلام الكلي والشمولي ، الذي لا نراه يكتمل في إجتهادنا إلا بخلافة المهدي ونزول عيسى عليهما السلام ، الحقبة التي بيننا وبينها قرون وقرون ..

وما على أمرائنا وعلمائنا اليوم وغدا إلا الوعي بخصائص سياسة الإسلام الشرعية أولا ، ثم بكل إشكالية الحكم بما أنزل الله كما نوجزها في مطبوعنا :  نحو حركية حاكمية   على :                         kotoub 24.blogspot.com . مع اليقين بأن كل أمنهم وإستقرارهم ، وكل حلول أزمات بلدانهم - بل والعالم -  في خلق ظروف تطبيق الشريعة وفي تخليق ومبدئية شعوبهم بكل علمية وتدرج ..

ولهذا فإن زمن الإرتجالات السياسية قد ولى ، ولا بد لكل قضية من أخصائييها ، لكن وعلى الدوام بمرجعية إسلامية علمية وفقهية ، لا مرجعية إسلاموية إيديولوجية كما حالنا اليوم مع كل السياسويين المحسوبين على الإسلام وللأسف  ، ولهذا ننادي ب : نحو حركية أكاديمية  في مطبوعنا على : kotoub25.blogspot.com .

وبهذا يمكن أن نؤسس لشورى مستقبلية خلاقة وعادلة ، كمبدأ من مبادئ إسلامنا السياسي ، وكعلاج للعديد بل ولكل آفات الديمقراطية التي لا تعد ولا تحصي ، والتي يكفيها ذنوبا نفيها لتميز الرجل على المرأة ، وهضمها لحقوق الطبقات الغير المنتجة تدريجيا ، كما يكفيها ذنوبا :تسلق من هب ودب للسلطة : وذاك من علامات القيامة كما قال الرسول صلوات الله عليه : * إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة * وكذا كثرة النفاق والكذب وتسلق الرويبضة كما قال رسول الله صلوات الله عليه في المستدرك : * تأتي على الناس سنوات خداعات ، يصدق فيها الكاذب ، ويكذب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخون فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة ، قيل : وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة *  

الأمور التي لا زالت تبعد معظم النزهاء عن السياسة رغم نبل الإصلاح الإسلامي بها ، وتهمش أولي الحل والعقد  من فقهائنا ، وكذا العديد من الكفاءات الذكية والمبدعة والخلاقة ، وتماما كما خططت ولا زالت تخطط الصهيوماسونية لنا ولكل العالم وللأسف .. 

ولهذا فبدون هذا التدافع الإسلامي السياسي وفي كل المجالات كذلك ، سنصير وفي عقود معدودة دون أوطان ، بل ودون حكام كما العديد من دويلاتنا التي صارت تطحنها هاته المؤامرات قمة وقاعدة ..

ولهذا فإن السياسة الشرعية والإسلام السياسي وفقه حاكمية الله تعالى في الأرض كتدافع وبكل تدرج صار واجب وجود ، وإلا فلا أمن ولا إستقرار لنا ولا مستقبل ، وربما لا مصير .. 

على الصعيد الإجتماعي :

 إن المقارن اليوم بين مجتمعاتنا المسلمة وغيرها لا يكاد يجد فرقا كبيرا ، فقد سرت فينا كل أمراض غيرنا تماما كما قال الرسول صلوات الله عليه : * لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم . قلنا : يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال فمن ؟ * رواه البخاري . 

وهذا هو حالنا اليوم حتى أننا صرنا لا نفرق بين المسلم وغيره ، بل وأكثر المسلمين اليوم لا يصلون ، ولا يزكون ..

وكل هذا كان للعديد من العلل والأسباب ، لكن شيطانها الأكبر يتجلى في دعوى الحرية الشخصية ، التي بإسمها ضاعت جل قيمنا ، وتسممت جل أخلاقنا بل وكل هويتنا ، وللحد الذي أصبحنا فيه لا نفرق بين شبابنا وشاباتنا ..

والعلاج بالطبع ليس إجتهادا إجتماعيا وميدانيا أو أكاديميا فقط ، بل يجب أن يكون إجتهادا إسلاميا ، ونلخصه أولا في سعي الساسة لتعبيد مجتمعاتنا لله عبر التربية والتعليم والزجر معا ، وإلا خسروا وخسرنا الدنيا والآخرة معا ..

فالمجتمعات كالطفل تشيب على ما تعلمت وتربت عليه إذا ما وفر الحكام ظروف ذلك ، كمثال المجتمعات الغربية ، فرغم كفرها فإنها تعلم وتربي وتوفر كل ظروف نجاح مواطنيها  ، حتى صاروا يفوقوننا حتى إنسانية وأخلاقا ، بل وأبدانا وصحة ونقاء ..

ولن يتأتى لنا هذا بين عشية وضحاها ، وسيظل فسادنا الحالي لعقود ، ولا حل لنا إلا بالمراهنة على تربية الطفولة والشباب لعلنا ننقد أسر المستقبل ثم مجتمعاتنا غدا من الشره المادي والفقر المعنوي الذي صار يغشى معظم عائلاتنا ومواطنينا ..

فالعلاج إذن هو تخليق المجتمعات بأخلاق الإسلام تعليما وتربية وزجرا ، وإلا فلا إسلام سيبقى لنا مهما تباهينا بشكلياته ، بل وستزيد أسرنا تفككا ، وسيزيد زواجنا السني تأزما ، ولا مناص من شبابنا بعدها من كل موجبات الفساد والإفساد ، بل وسيفقد حكامنا غدا كل هيباتهم وكل مصداقياتهم ، بل وحتى أرواحهم إن لم يعدوا شعوبهم للجهاد على شتى الواجهات أمام المؤامرات الصهيوماسونية التي ستزيد من إستهدافهم من كل حدب وصوب ..

وكل قوتنا كمسلمين كانت في إيماننا وأخلاقنا ومبادئنا ، وكل ضعفنا اليوم في فسادها ، وكل مستقبلنا في العودة إليها وإلى كل  قيمنا السامية ، وإلا فلا مفر من خزي الدنيا وعذاب الآخرة..

ولن يتأتى هذا إجتماعيا إلا بتخليق الأحزاب وتربية الساسة أولا ، ثم مبدئية المجتمع المدني وتطهيره من كل النفعيين ، لعلنا نتكلم غدا عن مجتمع التكافل والرحمة والتعاون كدار إسلام ..

وهذا يحتاج أيضا إلى دراسات ميدانية وأكاديمية لتشخيص غير هذا من نقائصنا الإقتصادية والبيئية والصحية كبداية ، فلا أخلاق مع الفقر وفي بيئة ملوثة وبأجساد سقيمة ، وبالتالي لا تقدم ولا تنمية ولا مستقبل ولا إستقرار..

وستزداد أزماتنا تفاقما ، ومهما رقعناها ماديا ..

فالتخليق بالإسلام وبكل تدرج إذن هو الحل ، بل وأخلاقه ثروة ، وأخلاقه قوة .. 

عن البديل الإقتصادي :

 يعالج الإقتصاد الإسلامي كل سلبيات الليبرالية والإشتراكية عبر إقتصاد حر لكنه مقنن ، وعبر إقتصاد إنساني وأخلاقي يسخر الفقراء للأغنياء كما يسخر الأغنياء للفقراء * وفضلنا بعضكم على بعض في الرزق ليتخذ ..*

ولكن الأزمة التي نعيشها اليوم ليست أزمة مادية بل أزمة أخلاق وقيم ..

ولهذا ننادي في بداية أي إصلاح الإسلامي بحق الفقراء والمساكين أولا وعلى الدولة كبداية ..

وذلك عبر التربية على القناعة والتعليم على التنمية ، وعبر تنظيمها لبيت المال المسلمين وللزكوات  والصدقات والتبرعات ..

ولمستحقيها أولا : (إنما الصدقات .. 

قبل التدرج نحو كل الإقتصاد الإسلامي كبديل كما ننادي في : kotoub29.blogspot.com  .


عن المجال الثقافي :

 من المعضلات الكبرى التي نعيشها اليوم كمسلمين :

 عمق إستلابنا الثقافي الذي عمق فينا أدب اللغو وثقافة الإنحلال والميوعات الفكرية والتعليم الغير عملي والثرثرات الفقهية ..

ولحد غرقنا في المعلومات الغير النافعة والمناهضة لكل إسلامنا وإنسانيتنا ..

والتي لا مناص لنا من مخاليبها المفترسة لعقولنا وقلوبنا وأرواحنا إلا بعودتنا لفقهنا العملي أولا ...

 وبهدف العودة إلى هويتنا العربية الإسلامية كاملة ، ولكن  ودون رجعية ..

مما يضع أمامنا إشكالية التجديد الثقافي نحو مسلم حضاري ومتدافع كما نشير في : kotoub13.blogspot.com 

فالعقل المسلم اليوم في أزمة ، وعقلنا الفقهي في حيرة يعالجهما تبسيط فقهنا العملي..

 لكن فقط كبداية ، لأن الإسلام اللغوي ومهما كان مفيدا ليس هو كل الإسلام ، والثقافة الإسلامية لن تكون كاملة إلا بدعوتنا العملية لكل علوم وفقهيات وروحانيات الإسلام .

عن الجانب الصوفي :

 التصوف فقه الإحسان ولم يعد للعامة من آفات الزوايا blog وجوب الإصلاح الرسمي للزوايا وبالافتات  أولا : مثلا ..

مقدمة :

                          بسم الله الرحمان الرحيم  ينظم الإسلام خمسة علاقات أساسية : - علاقة المسلم بالله تعالى . - علاقة المسلم بنفسه - علا...